هل فعلاً سيتعافى الاقتصاد تماماً بعد توقّف انتشار فيروس كورونا؟

هل فعلاً سيتعافى الاقتصاد تماماً بعد توقّف انتشار فيروس كورونا؟

13 أبريل 2020 04:05 م

تم الإشارة في عدّة مناسبات من العديد من الجهات بأن انتهاء تفشّي فيروس كورونا وإنهاء الإغلاقات الاقتصادية التي قامت بها الدول، سيكون سبباً لعودة النمو الاقتصادي القوي والسريع. ورغم توقّع انكماش اقتصادي في عديد من الدول العظمى والكبرى حول العالم، قد يصل بمقداره إلى 30% في الولايات المتحدّة وبريطانيا، و9.8% في ألمانيا خلال الربع الثاني من هذه السنة، إلى جانب توقعات أن يكون الاقتصاد الصيني قد انكمش بنسبة 6% خلال الربع الأول من هذه السنة، إلا أن هنالك تفاؤل كبير بين المتابعين للاقتصاد العالمي من أن الاقتصاد سيعود للنمو بوتيرة كبيرة جداً، ربما تكون قياسية، خلال الربع الثالث واستمرار النمو خلال الربع الرابع من هذه السنة.

الآن، لنفترض بأن انتشار الفيروس توقّف انتشاره مع نهاية الشهر الجاري، وعادت الحكومات بشكل تدريجي فتح الاقتصاد، فهل فعلاً سوف تنتهي الأزمة الاقتصادية التي تسبب فيها الفيروس؟ في الحقيقة، من المستبعد أن نرى تعافي اقتصادي تام، وهنا يجب أن نفرّق بين النمو الاقتصادي الذي قد يحصل، وبين حقيقة وضع الاقتصاد بعد انتهاء تفشّي فيروس كورونا.

في كل يوم يمر على العالم مع استمرار الإغلاقات الحكومية واستمرار انتشار الفيروس، هنالك تهديد بأن تفلس المزيد من الشركات، وأن يفقد الآلاف وظائفهم حول العالم. وآخر البيانات الاقتصادية التي صدرت من الولايات المتحدّة أثبتت ارتفاع معدّل البطالة إلى 4.4%، وارتفع معدّل البطالة في بريطانيا إلى 3.9%، وفي كندا ارتفع من 5.6% إلى 7.8%، وهذا كلّه يدل على أن تأثيرات فيروس كورونا تعتبر مباشرة وسريعة على الاقتصاد العالمي.

وأغلقت العديد من الشركات فروعاً عديدة لها، والمحلات التجارية ذات الأفرع المتعددة أغلقت الكثير منها، وحتى الشركات الضخمة تخفّض التكاليف من خلال خفض أعداد الموظفين وإغلاق العديد من الأعمال لها. هنا تكمن مشكلة الإغلاقات الحكومية وتأثيرات فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي.

بعد انتهاء انتشار فيروس كورونا، سيقف العالم أمام ارتفاع كبير في معدلات البطالة، وإعلان العديد من الشركات إفلاسها. لكن في نفس الوقت، ربما لن يظهر التأثير مباشرة على قيم الناتج المحلي الإجمالي، فخطط التحفيز الحكومية الهائلة التي وصلت قيمتها في الولايات المتحدّة وحدها لأكثر من 2.2 ترليون دولار، إلى جانب التحفيزات التي تقوم بها البنوك المركزية حول العالم، كلها أسباب قد تدير عجلة الاقتصاد من خلال قطاعات محددة فيه، بذلك بالفعل، ربما يعود النمو الاقتصادي بشكل سريع.

لكن، هل النمو الاقتصاد الذي ربما يحصل بعد توقّف انتشار فيروس كورونا سيدل على زوال الضعف الاقتصادي؟ الجواب المختصر هو لا.

ارتفاع نسب البطالة سيغيّر القدرة الشرائية للمجتمع، كما أن توقّف أعمال الشركات سيسبب ضعفاً في الإنتاجية، وهنا ندخل حلقة مفرغة، بين ارتفاع البطالة وانخفاض الدخل، ثم انخفاض الطلب على منتجات الشركات، بالتالي مزيد من الضغط على الشركات ومزيد من التسريح في الأعمال، لترتفع أكثر نسب البطالة.

التحفيزات الحكومية وتحفيزات البنوك المركزية تعتبر عاملاً سيقلل من عمق الركود الاقتصادي، لكن هذا لا يعني بأنها قادرة على إعادة التوازن سريعاً في الاقتصاد الدولي.

في وقتنا الراهن، ربما تكون الأضرار محدودة نوعاً ما، وربما لن تطول الفترة الزمنية حتى تعود فيها الظروف للاستقرار. لكن كلما طالت الفترة الزمنية التي تقوم فيها الحكومات بالإغلاقات، إلى جانب استمرار انتشار الفيروس، سيكون من الأصعب السيطرة على الركود الاقتصادي الذي دخله الاقتصاد العالمي بالفعل.

من هنا، لا يمكن أن نراهن الآن على أن يتعافى الاقتصاد العالمي بشكل تام بعد توقّف انتشار الفيروس، بل يجب أن ننظر بأن كل يوم من الإغلاقات الحكومية، سيكون تأثيره كبير على الاقتصاد العالمي.

وبحسب آخر التصريحات، من المحتمل أن تبقى الإغلاقات الحكومية في الولايات المتحدّة حتى بداية الشهر المقبل مايو، وهذا ينطبق أيضاً على عديد من الدول مثل ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا. ورغم تخفيف القيود في الصين، إلا أن الأمور لم تعد للآن إلى سابق عهدها، وبالتالي نحن ننتظر المزيد من التوتّر الاقتصادي. لكن، ماذا لو لم يتم احتواء فيروس كورونا نهاية هذا الشهر؟ ماذا سوف يحصل؟

عندها، ستبدأ الشركات الصغيرة بالانهيار واحدة تلو الأخرى، ثم الشركات التي أثقلتها الديون وتكاليف التشغيل، وبعد ذلك ينتقل الأثر للشركات المتوسطة، ولا يجب أن نستبعد أيضاً دماراً يسود الشركات الكبرى حول العالم، وبذلك ستكون الضربة الاقتصادية القادمة لفترة ما بعد انتشار فيروس كورونا ذات سوداوية أكبر.

الأوسمة:

يمكن للاسعار أعلاه ان تكون متأخرة بخمسة ثواني و تخضع لشروط و أحكام الموقع. الأسعار أعلاه إرشادية فقط